مقدمة :
شهد العالم في الفترة ما بين
1939 و1945م اندلاع ثاني حرب عالمية، وقد تميزت هذه الحرب عن سابقتها بكونها
الأكثر دموية والأكثر تكلفة والأشد تدميرا والأكثر امتدادا، حيث تجاوزت المجال
الأوربي لتشمل كل قارات العالم، مخلفة تركة ثقيلة من الكوارث والفواجع طالت كل شعوب
العالم.
فما هي أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية؟
وما هي المراحل الكبرى التي مرت بها؟
وما هي الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عنها؟
I.
كانت
وراء اندلاع الحرب العالمية الثانية مجموعة من الأسباب:
1. الأسباب غير المباشرة لاندلاع الحرب العالمية
الثانية:
- مخلفات الأزمة الاقتصادية
الكبرى: تدهورت
الأوضاع الاقتصادية بكل من ألمانيا وإيطاليا واليابان من مخلفات الأزمة بفعل
عدم توفرها على مستعمرات وضعف رصيدها من الذهب.
- التوسع الياباني في الصين: منذ 1931م شرعت
اليابان في احتلال إقليم منشوريا بالصين، وما بين 1934 و1937م احتلت المزيد
من الأراضي الصينية.
- التوسع الإيطالي في إثيوبيا: ابتداء من
أكتوبر 1935م شرعت إيطاليا في احتلال إثيوبيا مستغلة ضعف موقف عصبة الأمم
إزاء التوسعات اليابانية، وفي سنة 1936م احتلت العاصمة أديس أبابا.
- سياسة هتلر وتوسعاته: وصل هتلر إلى
السلطة في ألمانيا سنة 1933م، فشرع في نهج سياسة تميزت من جهة بالعمل على
التخلص من قيود معاهدة فرساي سنة 1936م، فضم إقليم السار، وإعادة تسليح رينانيا،
والانسحاب من عصبة الأمم، وإعادة الخدمة العسكرية الإجبارية، ومن جهة ثانية
قام بالتوسع في أوربا الشرقية حيث ضم النمسا «عملية الأنشلوس»، وضم إقليم
«السوديت» غرب تشيكوسلوفاكيا سنة 1938م، وفي 15 مارس 1939م احتل باقي أراضي
تشيكوسلوفاكيا.
- تكوين التحالفات العسكرية: حققت السياسة
التوسعية الإيطالية في إثيوبيا واليابانية في الصين والحرب الأهلية في
إسبانيا تقاربا بين ألمانيا وإيطاليا واليابان، تطور إلى تكوين حلف عسكري عرف
بحلف «دول المحور».
- عجز عصبة الأمم عن الحفاظ
على السلم العالمي: عجزت
عصبة الأمم عن الوقوف في وجه التوسعات اليابانية والإيطالية والألمانية، مما
زاد في توتر العلاقات الدولية والتمهيد لاندلاع الحرب.
2. شكل غزو هتلر لبولونيا السبب المباشر لاندلاع
الحرب العالمية الثانية:
بنى هتلر سياسته التوسعية على فكرة المجال الحيوي
التي تقوم على اعتبار أن من حق القومية الألمانية الحصول على مجال واسع ليشمل كل
الألمان ويوفر كل الحاجات، وبما أن المواجهات العسكرية المحتملة ستكون في الغرب
اتجهت توسعاته نحو الشرق، إلى دولة بولونيا التي ستفتح له الطريق إلى روسيا للتحكم
في حقول أوكرانيا لضمان التزود بالمواد الغذائية، وفي الفاتح من شتنبر 1939م
اجتاحت قواته العسكرية أراضي بولونيا، فردت كل من فرنسا وبريطانيا بتوجيه إنذار
لألمانيا بسحب قواتها من بولونيا، وأمام رفض الانسحاب أعلنت الدولتان الحرب على
ألمانيا، فكان ذلك بداية اندلاع الحرب العالمية الثانية.
II.
مرت
الحرب العالمية الثانية بمرحلتين متميزتين:
1. تميزت المرحلة الأولى من الحرب (1939- 1942)
بتقدم دول المحور:
- بالنسبة لألمانيا: غزو بولونيا في
شتنبر 1939م، والهجوم على فرنسا والتوسع غربا في ماي 1940م، وغزو الاتحاد
السوفياتي في يونيو 1941م، واحتلال يوغوسلافيا واليونان في مارس 1941م،
والهجوم على القوات الإنجليزية في مصر في غشت 1942م.
- بالنسبة لإيطاليا: احتلال ألبانيا
سنة 1939م، والهجوم على القوات الإنجليزية في مصر في شتنبر 1940م.
- بالنسبة لليابان: الهجوم على
القاعدة العسكرية الأمريكية برل هاربور في دجنبر 1941م، واحتلال الهند
الصينية.
2. تميزت المرحلة الثانية من الحرب (1942- 1945)
بتحولها لصالح الحلفاء:
- على الجبهة المتوسطية: الانتصار على
القوات الألمانية الإيطالية في «معركة العلمين» بمصر في أكتوبر 1942م
وإرغامها على التراجع نحو ليبيا، كما قامت قوات الحلفاء بإنزال جيوشها بسواحل
شمال إفريقيا (الدار البيضاء، وهران، الجزائر) والانطلاق منها لمحاصرة قوات
دول المحور في ليبيا وإرغامها على الاستسلام بتونس في ماي 1943م، وغزو
إيطاليا في صيف 1943م.
- على الجبهة الغربية: نزول قوات
الحلفاء بسواحل «نوماندي» الفرنسية وتمكنها من تحرير باريس في غشت 1944م،
وعبور قوات التحالف نهر الراين في مارس 1945م.
- على الجبهة الشرقية: انتصار الجيش
السوفياتي على القوات الألمانية في «معركة ستالينكراد» في فبراير 1943م،
وتحرير كامل التراب السوفياتي، ثم دخول مدينة برلين واستسلام ألمانيا في ماي
1945م.
- على جبهة المحيط الهادي: إغراق الأسطول
الأمريكي لأربع حاملات طائرات يابانية في بحر المرجان في يونيو 1942م،
واستعادة القوات الأمريكية لجزر الفلبين في أكتوبر 1944م.
- استعمال السلاح النووي لحسم
الموقف: قامت
الولايات المتحدة بإلقاء أول قنبلة نووية على مدينة هيروشيما في 6 غشت 1945م،
وإلقاء قنبلة ثانية على نكازاكي في 9 غشت 1945م، وفي 14 غشت 1945م استسلمت
اليابان.
III.
نتائج
الحرب العالمية الثانية
1. النتائج البشرية والمادية
- ارتفاع عدد القتلى المدنيين والعسكريين إلى 50 مليون
قتيل، بالإضافة إلى ملايين المعطوبين والأرامل واليتامى في ظرف 5 سنوات، وقد
وصل عدد القتلى بالاتحاد السوفياتي لوحده إلى 20 مليون قتيل من بينهم أزيد من
11 مليون من المدنيين.
- ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وتدمير المؤسسات
العمومية، وتشريد السكان.
- ارتفاع نسبة تكلفة الحرب على شعوب الدول الأوربية
المتحاربة من الناتج الوطني الخام.
- تراجع الإنتاج الفلاحي والصناعي، بحيث تراجع إنتاج
القمح بفرنسا من 10 مليون طن سنة 1939م إلى 6 مليون طن سنة 1945م، وتراجع
إنتاج الفحم من 50 مليون طن سنة 1939م إلى 25 مليون طن سنة 1945م.
- دمرت الحرب أزيد من %20 من الرأسمالي العقاري بفرنسا،
و100000 كولخوز بالاتحاد السوفياتي.
ويعود ارتفاع حجم هذه
الخسائر إلى التجهيزات العسكرية المتطورة التي استعملت في الحرب، وإلى قصف المدن
قصد ترهيب السكان، وسياسة هتلر.
2. النتائج السياسية
- توسيع الحدود الترابية للدول المنتصرة كبولونيا
وبلغاريا.
- تقسيم ألمانيا إلى أربعة مناطق نفوذ.
- الاحتلال الرباعي لمدينة برلين وفيينا من طرف الحلفاء.
- ضم الاتحاد الاسوفياتي لأراضي جديدة شرق أوربا من أهمها
أراضي لتونيا، استونيا، وليتوانيا.
- فقدان أوربا لهيمنتها السياسية على العالم.
- انقسام العالم إلى معسكرين متناحرين: المعسكر الغربي،
والمعسكر الشرقي.
- تأسيس هيئة دولية من أجل الحفاظ على الأمن الدولي
"هيئة الأمم المتحدة" التي تأسست بموجب مؤتمر سان فرانسيسكو سنة
1945م، وحددت لها نفس أهداف منظمة عصبة الأمم.
خاتمة
هكذا يتضح أن الحرب
العالمية الثانية قضت على الأنظمة الديكتاتورية، وعدلت الخريطة السياسية للعالم،
وأعادت توزيع علاقات القوى الدولية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد
السوفياتي، اللذان ما لبثا أن زجا بالعالم نحو ما عرف بالحرب الباردة.
المصطلحات والمفاهيم الأساس حسب الإطار المرجعي: