إعلان الرئيسية

 

مقدمة :

حتمت التحولات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المعززة للنظام الراسمالي خلال فى 19م انتقال الدول الأوربية نحو حركة توسعية استعمارية طبعها مناخ من التنافس اشتدت حدته في مطلع القرن 20م، وتوج بأزمات كبرى أشعلت فتيل الحرب ع الأولى.


فما مظاهر هذا التنافس الإمبريالي وما وسائله؟

وكيف تحول إلى أزمات سياسية؟

وما علاقته باندلاع الحرب العالمية الأولى؟

 

    I.          سياق بروز التنافس الاستعماري ومظاهره الكبرى

   1.          سياق بروز التنافس الاستعماري ومظاهره وأساليبه الكبرى خلال ق 19 م ومطلع ق 20 م

سیاق بروز التنافس الاسعماري :

يعتبر المد الإمبريالي مرحلة قصوى في تطور الرأسمالية، فهذه الأخيرة تطورت إلى مرحلة احتكارية تداخلت فيها المصالح السياسية والاقتصادية، فصار لزاما على الدول الرأسمالية أن تنطلق

نحو التوسع الإمبريالي في إطار تقسيم احتكاري رأسمالي للعالم وتوزيعه إلى مناطق نفوذ. وتخللت مسار التنافس الاستعماري خلال ق 19م وبداية ق 20م محطات کبری، كاحتلال فرنسا للجزائر سنة 1830م، وتوزيع مملتكات "الرجل المريض"، ومؤتمر برلين لتوزيع القارة الإفريقية 1884م... كما برزت مناطق ساخنة في هذا التنافس الإمبريالي (تونس البلقان، مصر، المغرب...). وتنافست حولها قوى إمبريالية كبرى إنجلترا، فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، إيطاليا ...)

 

بعض مظاهر التنافس الاستعماري:

مظهر اقتصادي : التنافس على مصادر المواد الأولية وعلى تصريف فائض الإنتاج الصناعي، والبحث عن مجالات لتصريف الفائض المالي والاستثمارات.

 

مظهر سياسي : تضارب في الأطماع الإمبريالية حول الخريطة الأوربية وتحولها إلى خريطة نزاعات إقليمية وترابية بين ألمانيا روسيا، فرنسا وإنجلترا، النمسا، وتداخل الحسابات القومية والاقتصادية والاستراتيجية في هذا التنافس السياسي.

 

حيث ارتبطت النزاعات الأوربية قبيل سنة 1914م بالمصالح الشخصية لكل دولة، والتي يمكن تحديدها على الشكل الآتي:

  • بريطانيا: كانت تستهدف التحكم في الملاحة البحرية العالمية، وتتضايق من القوة البحرية الألمانية المتنامية.
  • ألمانيا: اهتمت بالتوسع الإمبريالي على حساب مصالح القوتين الاستعماريتين: إنجلترا وفرنسا.
  • فرنسا: تطلعت إلى استرجاع الألزاس واللورين المحتلتين من طرف ألمانيا، واستكمال بناء إمبراطوريتها الاستعمارية.
  • إيطاليا: أرادت تحرير أراضيها الشمالية من الاحتلال النمساوي، والحصول على نصيبها من المستعمرات.
  • النمسا: ناهضت تحرر القوميات السلافية بزعامة صربيا.
  • روسيا: عملت على حماية صربيا والشعوب السلافية في البلقان.

توزعت مناطق التنافس الاستعماري على النحو التالي:

  • تونس: تنافس فرنسي – إيطالي – إنجليزي.
  • المغرب: تنافس فرنسي – إسباني – ألماني – إنجليزي.
  • مصر: تنافس إنجليزي – فرنسي.
  • البلقان: تنافس روسي – نمساوي – عثماني.
  • الكونغو: تنافس بلجيكي – فرنسي – ألماني.

 

مظهر اجتماعي : تصريف فائض السكان، حيث تطور عدد المستوطنين في الجزائر من 145000 مستوطن سنة 1860 الى 430000 سنة 1900، في اطار سياسة الاستيطان الاستعماري الفرنسي في الجزائر.

 

   2.          أساليب ووسائل التنافس الإمبريالي :

نظام الأحلاف : شهد القرن 19م في خضم التنافس الإمبريالي بروز نظام الأحلاف للتنسيق بين الدول الإمبريالية قصد تحقيق مصالح سياسية واقتصادية وترابية مشتركة ومواجهة تحديات الخصوم، فبرز نظام الأحلاف البيسماركي (1871) - 1891 م ) بقيادة ألمانيا وبالمقابل ظهر نظام الأحلاف الفرنسي (1891 - 1907م بزعامة فرنسا. وتطور نظام الأحلاف نحو نوع من الازدواجية الوفاق الثلاثي المكون من فرنسا وإنجلترا وروسيا والتحالف الثلاثي المكون من ألمانيا النمسا- إيطاليا).


مؤتمرات التسوية والاتفاقات الاستعمارية : لجأت الدول المتنافسة لتقنية المؤتمرات والاتفاقيات قصد تسوية خلافاتها ونزاعاتها حول مناطق النفوذ (مؤتمر برلين لتوزيع مملتكات الامبراطورية العثمانية سنة 1878م، ومؤتمر برلين الثاني سنة 1885 م لتوزيع إفريقيا، ومؤتمر مدريد سنة 1880م للنظر في المسألة المغربية والذي أعقبه مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906.

أما أشهر الاتفاقيات الثنائية فهو الاتفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا سنة 1904 م لتسوية خلافهما

حول مصر والمغرب.


التسابق نحو التسلح : هو مظهر ووسيلة في آن واحد للتنافس الاستعماري حيث اهتمت الدول المتنافسة بتطوير قدراتها الحربية بشريا وماديا استعداداً للمواجهات المحتملة، فارتفع حجم النفقات العسكرية لبعض الدول الأوربية، وصدرت قوانين التجنيد في البلدان الأوروبية .

 

التغلغل الاقتصادي: استعملت الدول الإمبريالية وسائل التغلغل الاقتصادي مثل رؤوس الأموال وتطوير شبكة المواصلات والمعاهدات التجارية. مثلا في البلقان من طرف ألمانيا وفي مصر والمغرب من طرف بريطانيا وفرنسا.

 

II.          الأزمات الناتجة عن التنافس الإمبريالي والمؤدية إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى

    1.          الأزمات الممهدة للحرب العالمية الأولى

الأزمة المغربية الأولى 1905 :

تأرجحت هذه الأزمة عبر محطتين: الأولى كانت سنة 1905 م وإثر زيارة كيوم إلى طنجة لتأكيد المصالح الألمانية في المغرب والدفاع عن استقلال الدولة المغربية في وجه الأطماع الفرنسية، وانعقد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906م لتدارس الأزمة المغربية وخرج بقرارات منحت لفرنسا عدة امتيازات أمنية واقتصادية.

الأزمة المغربية الثانية 1911 :

أما المحطة الثانية في هذه الأزمة فكانت سنة 1911 إثر نزول بارجة ألمانية في أكادير (Panther) احتجاجاً على التدخل العسكري الفرنسي في فاس. وقد أججت هذه الأزمة مناخ التوتر في العلاقات الدولية بالنظر إلى نظام التحالفات الأوربية.


الأزمة البلقانية الأولى (1908م):

تفاقمت النزعة القومية، خاصة في صربيا، فتدخلت النمسا لضم البوسنة واحتجت صربيا على ذلك واستحكم الصراع بين الصربيين والنمساويين

الأزمة البلقانية الثانية ( 1913م)

وترتبط هي الأخرى بالنزعة القومية ضد تركيا والنمسا بدعم من روسيا، وقد تضاربت مواقف القوى الكبرى من هذه الأزمة انطلاقا من تضارب المصالح والتزامات نظام الأحلاف والحصيلة كانت هي سيادة التوتر داخل القارة الأوربية مع مطلع 1914م.

 

   2.          السبب المباشر لاندلاع الحرب العالمية الأولى:

في 28 يونيو 1914م تم اغتيال ولي عهد النمسا وزوجته في سراييفو، فوجهت النمسا إنذارا لصربيا

 يوم 23 يوليوز 1914م يتضمن شروطا وتعهدات تمس بسيادة صربيا أمنيا وقضائيا وعسكريا فكان الرفض هو جواب صربيا وإعلان الحرب هو رد فعل النمسا وبذلك اشتعل فتيل أول حرب عالمية بالنظر إلى شبكة التحالفات القائمة وقتئذ.

خاتمة :

يكتسي التنافس الإمبريالي أهميته كحدث تاريخي خلال ق 19م مطلع ق 20 م من خلال كونه حلقة وصل بين التحولات المعززة للرأسمالية من جهة والتناقضات والأزمات المؤدية للحرب ع الأولى التي ستعقبها تغيرات عالمية كبرى.

 

المصطلحات والمفاهيم الأساس حسب الاطار المرجعي:


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق