إعلان الرئيسية

 

الوحدة رقم 3 : الثورة الروسية وأزمات الديمقراطيات الليبرالية

 

 

مقدمة :

اندلعت الثورة الروسية بسبب تدهور الأوضاع الداخلية، وأثر الحرب العالمية الأولى، وانتشار الفكر الاشتراكي، وأصبح المد الشيوعي يهدد الديمقراطيات الليبرالية مثل إيطاليا وفرنسا، والتي كانت متشددة في مواجهة الثورة البلشفية.

  • فما هي أسباب ومظاهر الثورة البلشفية؟
  • وما هي أبرز مظاهر الأزمات بالدول الديمقراطية الأوربية؟

     I.          أسباب ومراحل الثورة الروسية

   1.          تعددت أسباب الثورة الروسية

أ‌-     أسباب اجتماعية واقتصادية :

تدهورت الأوضاع في البوادي التي كانت الفلاحة التقليدية هي النشاط الرئيسي بها، ولم يكن المنتوج الفلاحي يغطي حاجيات السكان مما كان يؤدي إلى ندرة المواد الغذائية وانتشار المجاعة، أما الصناعة فارتبطت بالاستثمارات الأجنبية المحدودة ببعض المدن، حيث كان المجتمع الروسي يعرف تفاوتا طبقيا واضحا بين النبلاء والكولاك ورجال الدين المستغلين لطبقة الموجيك بالبوادي، وبين البورجوازية والطبقة العاملة بالمدن.

ب‌- أسباب سياسية :

ضعفت سلطة القيصر الذي كان يستبد بالحكم اعتمادا على الإقطاع والجيش ورجال الدين المحتكرين للمناصب السياسية في إطار "مجلس الدوما"، فظهرت معارضة بورجوازية تشكلت من الحزب الدستوري الديمقراطي، ومعارضة اشتراكية برز فيها جناح ثوري بزعامة لينين (البلاشفة).

ت‌- أسباب عسكرية :

أدى انهزام روسيا في الحرب العالمية الأولى التي دخلتها دون استعداد كاف، وفداحة الخسائر البشرية والمادية إلى انخفاض الإنتاج الفلاحي، وانتشار المجاعة، فكثرت الاحتجاجات والإضرابات وهكذا بدأت الثورة.


   2.          مرت الثورة الروسية بمرحلتين :

  • المرحلة الأولى (ثورة فبراير سنة 1917م): قامت عدة مظاهرات شعبية بالعاصمة الروسية بتروغراد انضم إليها الجيش، فاضطر القيصر نيقولا الثاني للتنازل عن العرش، فتشكلت حكومة مؤقتة بقيادة كيرنسكي، التي قررت الاستمرار في الحرب العالمية، وسنت برنامجا إصلاحيا عارضته مختلف الفئات الشعبية بقيادة مجالس السوفييت.
  • المرحلة الثانية (ثورة أكتوبر سنة 1917م): لم تستجب الحكومة المؤقتة لمطالب الفئات الشعبية، فاستغل لينين أخطاءها ليعلن قيام الثورة البولشفية الاشتراكية، والإطاحة بالنظام البورجوازي.

  II.          مشاكل الثورة وخطوات إرساء النظام الاشتراكي :

   1.          واجهت الثورة عدة صعوبات :

اتخذ لينين عدة إجراءات استعجالية فور الوصول إلى الحكم، كالانسحاب من الحرب العالمية الأولى، وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحين، وتأميم المؤسسات الصناعية، ومنح الشعوب حرية تقرير المصير، وقد واجهت الثورة عدة مشاكل، كالحرب الأهلية التي جاءت كرد فعل من البورجوازية وكبار الملاكين ضد تجريدهم من ممتلكاتهم، فشكلوا الجيش الأبيض الذي تلقى الدعم من القوى الرأسمالية التي قدمت له الدعم واحتلت بعض المناطق الحدودية، وواجه الجيش الأحمر بقيادة تروتسكي الثورة المضادة واستطاع القضاء عليها، كما طبق لينين مبدأ شيوعية الحرب، وخلالها عرفت روسيا أزمة اقتصادية، حيث تم إلزام الفلاحين بتقديم فائض إنتاجهم للدولة دون مقابل ليساهم الجميع في تكاليف الحرب الأهلية، إضافة إلى تأميم الصناعة والتجارة ووسائل النقل، وإعلان الحزب الشيوعي حزبا وحيدا بالبلاد.

وقد خلفت الحرب الأهلية مشاكل كثيرة عانى منها المجتمع الروسي، وللتخفيف منها سن لينين سياسة اقتصادية جديدة تراجع فيها مؤقتا عن الاشتراكية وعاد للرأسمالية بشكل محدود، حيث سمح للفلاحين ببيع منتجاتهم بكامل الحرية، وأعاد مؤسسات صناعية صغرى للرأسمال الأجنبي، وسمح بالتجارة الحرة، وسك النقود، مما أدى إلى انتعاش الاقتصاد وتحسن المستوى الاجتماعي.


   2.          ترسيخ النظام الاشتراكي :

  • بعد وفاة لينين سنة 1924م، استمرت سياسة لينين "السياسة الاقتصادية الجديدة" في بداية عهد ستالين، لكنها أثارت معارضة تزعمها تروتسكي، مما دفع ستالين إلى إلغائها سنة 1928م، ولترسيخ النظام الاشتراكي السوفياتي نهج ستالين سياسة التخطيط بعد احتكار الدولة لكل القطاعات الاقتصادية، وتضمنت سياسته وضع تصاميم خماسية تهدف إلى ترسيخ النظام الاشتراكي، وذلك بتأميم الصناعة والتجارة، وإنشاء التعاونيات الفلاحية "الكلخوزات"، وضيعات الدولة "السفخوزات"، وإعطاء الأولوية للصناعة الثقيلة، وصناعة الأسلحة عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، وتنمية شبكة المواصلات، وتحرير البلاد من بقايا الإقطاع والرأسمالية، وقد أدت سياسة التخطيط الاشتراكي إلى تحولات اقتصادية واجتماعية مهمة، واحتلال الاتحاد السوفياتي صفوف الدول القوية.

III.          تشخيص أوضاع الديمقراطيات الليبرالية فيما بين الحربين: إيطاليا وفرنسا كنموذج :

   1.          أوضاع الديمقراطيات الليبرالية بعد الحرب العالمية الأولى :

عرفت الديمقراطيات الليبرالية بأوربا الغربية بعد الحرب العالمية الأولى أزمات عامة تجلت في انعدام الاستقرار الحكومي، واشتداد التطرف السياسي، ناهيك عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بفعل ارتفاع الأسعار وانتشار البطالة التي أنتجت حركات احتجاجية من طرف المنظمات العمالية.


   2.          الأوضاع في إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى :

خلفت الحرب العالمية الأولى عدة مشاكل بإيطاليا، فمن الناحية الاقتصادية تراجع الإنتاج الفلاحي وارتفعت الأسعار، وسجل خصاص في مصادر الطاقة، فتدهورت الأوضاع الاجتماعية بانتشار البطالة وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، مما أدى إلى تزايد الاحتجاجات والإضرابات المصحوبة بالعنف، وقد أدت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بإيطاليا إلى ضعف السلطة الحاكمة، وصراع الأحزاب على الحكم، مما ولد التطرف السياسي على يد الحركة الفاشية التي وصلت إلى الحكم بواسطة العنف والقمع والتحالف مع الإقطاع والبورجوازية، حيث أسس موسيليني الحزب الفاشي الذي أقام نظاما ديكتاتوريا توسعيا سنة 1922م.


   3.          الأوضاع العامة في فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى :

خرجت فرنسا منتصرة من الحرب، لكنها تكبدت خسائر مادية وبشرية هامة، مما جعلها تعيش خلال فترة ما بين الحربين أزمة مالية خانقة بفعل تضرر الاقتصاد الوطني وعجز الميزان التجاري وغزو السلع الأجنبية للسوق المحلي، مما خلق مشاكل اجتماعية بعد انتشار البطالة وتنامي موجة الاحتجاجات، أدت هذه الأزمات إلى عدم الاستقرار السياسي وتنامي التطرف وتعاقب عدة حكومات خلال فترة وجيزة.


خاتمة :

أدت الحرب العالمية الأولى إلى ظهور أول نظام اشتراكي بالعالم بالاتحاد السوفياتي، كما تعرضت الديمقراطيات الغربية لأزمات سياسية واقتصادية أثرت في تطورها السياسي.

 

المصطلحات والمفاهيم الأساس حسب الإطار المرجعي:

الثورة الروسية: ثورة مسلحة قادها البلاشفة بزعامة لينين سنة 1917م ضد النظام القيصري الروسي.

النظام الاشتراكي السوفياتي: نظام اقتصادي و اجتماعي وسياسي يقوم على الحزب الوحيد، وعلى

الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، وضع أسسه لينين وأرسى معالمه ستالين.

لينين : فلاديمير إيلتش أوليانوف (1870-1924م)  قائد الثورة الروسية التي أطاحت بالنظام القيصري في روسيا في أكتوبر 1917م.

ستالين : جوزيف ستالين (1853-1879م) عين كاتبا عاما للحزب الشيوعي سنة 1922م، وبعد وفاة لينين، أقصى خصومه، وطبق سياسة التخطيط انطلاقا من سنة 1928م.

السياسة الاقتصادية الجديدة : سياسة نهجها لينين تقوم على المرونة في تطبيق الاشتراكية لتجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة التي كانت تعيشها روسيا بعد الحرب الأهلية (1921-1918م).

سياسة التخطيط : سياسة تقوم على المخططات الخماسية، نهجها ستالين منذ سنة 1928م بهدف تطوير البلاد وتجاوز تأخرها الاقتصادي.

الديمقراطيات الليبرالية : المقصود بها الأنظمة السياسية التي ظهرت في أوربا بعد الحرب العالمية الأولى، ومن أهم نماذجها إيطاليا وفرنسا.

 


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق