مقدمة :
يشكل
المجال المتوسطي واجهة وخط التقاء لعلاقات وتفاعلات غير متكافئة على عدة مستويات
وتعمل بلدانه على التخفيف من التفاوت فيما بين ضفتيه عن طريق التعاون في إطار
الشراكة الأورومتوسطية.
فما المجال المتوسطي؟ وما مظاهر التفاوت بين شماله الأوروبي،
وجنوبه الأفرو أسيوي؟
وما مجالات التعاون بين بلدانه؟ وما حصيلتها؟ وآفاقها المستقبلية؟
I.
تعريف المجال المتوسطي ورصد مظاهر
التفاوت في النمو بين شماله وجنوبه :
1.
تعريف المجال المتوسطي :
المجال المتوسطي محور
التقاء بين دول الشمال ودول الجنوب، وموقع متميز للتواصل والحوار بين الثقافات
المختلفة. يحده المحيط الأطلنتي غربا وأوربا الشمالية والشرقية شمالا، وآسيا شرقا
والصحراء الكبرى جنوبا. يتميز الوسط الطبيعي المتوسطي بوجود كتل جبلية وسهول
ساحلية ضيقة. وأتربة وغطاء نباتي سريع التدهور ومجاري مائية قليلة وموزعة بشكل
متفاوت بين الضفتين الشمالية والجنوبية في ظل مناخ متوسطي ومتوسطي جاف متباين
الفصول. يسكن المجال المتوسطي حوالي 450 مليون نسمة 60% منهم من الفئة النشيطة
ومعظمهم من بلدان الجنوب.
2.
مظاهر التفاوت في النمو بين ضفتي
المجال المتوسطي:
أ- الإنتاج
الاقتصادي :
بلدان
الشمال المتوسطي :
تساهم
بأكبر نسبة من حجم الإنتاج الفلاحي والصناعي داخل المجال المتوسطي
أهمية
قيمة الإنتاج الفلاحي والصناعي
سيادة
الصناعات المتطورة كصناعة الطائرات
تساهم
بأكبر نسبة من حجم إنتاج مصادر الطاقة، وبالخصوص النفط والغاز.
بلدان
الجنوب المتوسطي :
سيادة
الصناعات الاستهلاكية كصناعة النسيج والمواد الغذائية.
ب- المبادلات
الخارجية :
بلدان
الشمال المتوسطي :
أهمية
المواد المصنعة، وعلى الخصوص المواد العالية التكنولوجيا، في بنية المبادلات مع
بلدان الجنوب
ميزان
تجاري إيجابي مع دول الجنوب المتوسطي
بلدان
الجنوب المتوسطي :
سيادة
المواد الأولية والمواد المصنعة بالنسبة لبعض البلدان (تركيا المغرب
تونس لبنان مصر ( في
بنية المبادلات مع بلدان الشمال المتوسطي.
ميزان
تجاري سلبي مع بلدان الشمال.
ت- الدخل
الوطني الفردي وباقي مؤشرات التنمية البشرية :
بلدان
الشمال المتوسطي :
مؤشر
التنمية البشرية يتجاوز 0,800
متوسط
الدخل الفردي يتعدى عتبة 1000 دولار بالنسبة لجميع بلدان الشمال المتوسطي
نسبة
التمدرس ومحو الأمية تتجاوز %90
مؤشر
التأطير الطبي مرتفع (اليونان وإيطاليا 400 طبيب لكل مليون نسمة)
مؤشر
التنمية البشرية يتراوح ما بين 0.600 و 0.800
متوسط
الدخل الفردي يقل عن 500 دولار.
بلدان
الجنوب المتوسطي :
نسبة
التمدرس تتراوح بين 60 و %90 ونسبة الأمية بين 50 و %90 (تركيا 87,4%
والمغرب
52,3 %(.
مؤشر
التأطير الطبي منخفض (مصر والمغرب 50 طبيب بالنسبة لكل 1 مليون نسمة).
II.
مجالات التعاون الأورمتوسطي وحصيلته
وأفاقه المستقبلية
:
1.
مجالات التعاون الأور متوسطي :
وضع المؤتمر
الأورمتوسطي المنعقد ببرشلونة بإسبانيا سنة 1995م أسس الشراكة بين دول البحر
الأبيض المتوسط، والتي تم تفعيلها عبر مخططات وبرامج للتنمية شملت مجالات التعاون
التالية:
مجال التعاون السياسي
والأمني، ويشمل مجالات احترام حقوق الإنسان والديمقراطية،
ومحاربة
مشاكل الهجرة السرية
وتهريب المخدرات.
مجال التعاون الاقتصادي
والمالي، ويهم إنشاء منطقة للتبادل الحر في أفق سنة 2010م بإلغاء
الرسوم الجمركية وخلق مناطق حرة، والتعاون في قطاعات الاستثمار ودعم المقاولة
وحماية البيئة وتدبير الموارد البحرية والطاقية.
مجال التعاون الاجتماعي
والثقافي ويعنى بالتعاون بين مختلف مكونات المجتمع المدني
وبتشجيع الحوار بين الثقافات والحضارات.
2.
حصيلة التعاون الأورمتوسطي وآفاقه
المستقبلية :
لم تحقق الشراكة
الأورومتوسطية كل أهدافها، فالاندماج الاقتصادي الجهوي بين البلدان المتوسطية
الجنوبية ضعيف والمبادلات التجارية البينجهوية في البلدان المتوسطية هزيلة ولا
تمثل سوى 15 % من مجموع مبادلاتها الخارجية، والتنافسية مع الأسواق الأوربية لم
تسمح بعد بتحسين جودة الإنتاج في الجنوب المتوسطي، هذا رغم ارتفاع عدد المشاريع
وقيمتها في إطار برنامج «ميدا II» الممول من طرف الاتحاد الأوربي. ويظهر أن الشراكة
الأورمتوسطية يجب أن تتجاوز إنشاء منطقة واسعة للتبادل الحر إلى خلق فضاء حقيقي
يضمن مصالح الجميع في إطار من الاحترام المتبادل وانخراط الأنظمة السياسية في
الضوابط الكونية للحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان.
خاتمة :
سيبقى المجال المتوسطي نموذجا
لعدم التكافؤ بين بلدان الشمال الغنية، وبلدان
الجنوب الفقيرة مالم يتم رفع
التحديات ومواجهة مشاكل ضعف الاستثمارات نحو الجنوب المتوسطي والسياسة الحمائية والصراعات
السياسية وتزايد حدة الهجرة السرية.
المصطلحات والمفاهيم الأساس حسب الإطار المرجعي:
عدم التكافؤ بين دول الشمال ودول
الجنوب :
التفاوت المسجل في النمو الاقتصادي بين بلدان الشمال الغنية، وبلدان الجنوب الأقل
غنى، وذلك على مستوى الإنتاج الاقتصادي والمبادلات الخارجية ومؤشرات التنمية
البشرية.
المجال المتوسطي : المجال الجغرافي الذي يضم مجموع الدول الواقعة
على ضفتي البحر المتوسط والبالغ عددها 22 دولة. وهو محور التقاء بين دول الشمال
ودول الجنوب.