مقدمة :
العولمة
ظاهرة شاملة، متعددة الأبعاد، تشمل مختلف مجالات الحياة المعاصرة، تقوم على عدة
آليات، ويتحكم فيها مجموعة من الفاعلين.
فما العولمة؟
وما الآليات الموظفة في تدبير هذه الظاهرة؟
ومن هم الفاعلون في ذلك؟
I. مفهوم العولمة وأبعادها
1. مفهوم العولمة
العولمة مفهوم ظهر في بداية الثمانينيات بالولايات المتحدة الأمريكية وارتبط بمنافسة الفاعلين الاقتصاديين والماليين على المستويين الوطني والدولي، وبالتالي بليبرالية المبادلات، وبعد ذلك سيعرف هذا المفهوم توسعا هائلا بفعل انهيار النظام الاشتراكي السوفياتي سنة 1989م، وثورة الاتصالات بداية من سنة 1990م، وخاصة ظهور الأنترنيت، وانتقل المفهوم ليتخذ أبعاداً ثقافية وسياسية وإيديولوجية.
2.
تتخذ العولمة أشكالا وأبعادا
متعددة:
يمكن
تقسيم العولمة إلى الأشكال التالية:
العولمة الاقتصادية: القائمة على نظام رأسمالي مبني على اقتصاد السوق
والحرية والمنافسة وهيمنة التكتلات الاقتصادية الكبرى، والشركات المتعددة الجنسية،
والمؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي، صندوق النقد الدولي).
العولمة السياسية: تميز بالقطبية الأحادية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، ونهج الديمقراطية
السياسية واحترام حقوق الإنسان.
العولمة الاجتماعية
والثقافية: انتشار العادات والثقافة الغربية.
العولمـة التقنية: بروز ظاهرة القرية العالمية وتقليص المسافات وتخطي الحدود الجغرافية.
II.
الواقع الراهن لظاهرة العولمة
وتحدياتها
1. الواقع الراهن للعولمة في المجال العالمي
تقوم العولمة على تحرير التجارة بين دول العالم، لكن هذا التحرير يقتصر على تدفق السلع والخدمات في اتجاه واحد فقط اتجاه البلدان المتقدمة نحو البلدان النامية وبالتالي لا تستفيد البلدان النامية من هذه الظاهرة ذات الأشكال والمظاهر السياسية (تقلص نفوذ الدول الوطنية(، والاقتصادية )انفتاح الأسواق)، والثقافية )ذوبان الخصوصيات الحضارية المحلية وفقدان الهوية الثقافية).
وبالتالي فإن الواقع الراهن لظاهرة العولمة يتسم ب :
بلدان مندمجة بعمق في العولمة وهي البلدان المتقدمة.
بلدان منخرطة في مسلسل العولمة بدرجة متفاوتة، وهي الدول السائرة في طريق النمو.
بلدان خارجة عن دائرة العولمة مثل كوريا الشمالية.
2. تترتب عن العولمة عدة مخاطر وتحديات :
تطرح العولمة عدة مخاطر من أبرزها:
-
فقدان الدول النامية التحكم في اقتصادها، وتكريس تبعيتها للدول المتقدمة.
-
القضاء على الصناعات الوطنية في البلدان النامية أمام ضعف القدرة على مواجهة
المنافسة الأجنبية.
-
هيمنة القيم والتقاليد والثقافة الغربية، مقابل فقدان الهوية الثقافية الوطنية والمحلية.
-
تزايد حدة الفوارق الاجتماعية في العالم الثالث.
-
اتساع الهوة بين دول الشمال (المتقدمة) ودول الجنوب (النامية).
III. الآليات والفاعلون في المجال العالمي في إطار العولمة
1. الآليات المتحكمة في العولمة
نميز في هذه الآليات بين ما هو اقتصادي وما هو تقني.
الآليات الاقتصادية وتتجلى في سياسة الليبرالية الاقتصادية وتخلي الدولة والقطاع العام عن أمور التسيير الاقتصادي لفائدة القطاع الخاص الوطني والأجنبي
الآليات التقنية وتتجلى في ثورة وسائل الاتصال والتقدم التقني في كافة وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية.
2. الفاعلون في المجال العالمي في إطار العولمة
على المستوى العالمي نميز بين الفاعلين الاقتصاديين والفاعلين الاجتماعيين والفاعلين المؤسساتيين.
على
المستوى الاقتصادي
: تعتبر الشركات متعددة الجنسيات الفاعل
الأساسي اعتباراً لكونها شركات عملاقة تحمل جنسية أكبر المساهمين، تقوم بأنشطة
تجارية وصناعية ومالية ولها فروع في مختلف أنحاء العالم، كما تقوم المنظمات الدولية مثل: منظمة
التجارة العالمية، وصندوق النقد الدولي،
والبنك الدولي،
بتفعيل نظام العولمة من خلال تدويل الاستثمار والإنتاج والخدمات والتجارة. كما تلعب
المدن العملاقة دورا أساسيا في التحكم فى
الاقتصاد العالمي، من خلال احتضانها لمراكز الشركات متعددة الجنسيات والبورصات
المالية الكبرى... ومنها نيويورك - طوكيو - لندن - باريس.
على
المستوى الاجتماعي
: تبرز والأشخاص والمنظمات غير الحكومية وفي
طليعتها المنتدى الاجتماعي العالمي وحركة أطاك.
على
المستوى المؤسساتي
: يظهر دور الدولة باعتبارها تعمل على جلب الاستثمارات الأجنبية وتكوين
الموارد البشرية، وإنشاء البنيات التحتية وتوفير الاستقرار السياسي.
خاتمة:
إن
العولمة بقدر ما تتيحه من فرص للتنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر تحرير التجارة
وفتح باب المنافسة بين الشركات والمؤسسات بقدر ما تشكله من مخاطر التبعية
الاقتصادية وتهديد للهوية الثقافية.
المصطلحات والمفاهيم الأساس حسب الاطار المرجعي:
العولمة: ظاهرة
شاملة متعددة الأبعاد، تشمل مختلف مجالات الحياة المعاصرة ظهرت مطلع الثمانينيات
بالولايات المتحدة الأمريكية وعرفت توسعا بعد انهيار النظام السوفياتي، وظهور
"الأنترنيت".
الهوية الثقافية: نظام للقيم والتمثلات التي يتميز بها مجتمع ما تبعا لخصوصياته التاريخية والحضارية.
البنك الدولي: مؤسسة مالية عالمية تتولى تمويل المشاريع التنموية عبر العالم من خلال منح القروض للدول مقابل الالتزام بشروط محددة.
صندوق النقد الدولي: مؤسسة مالية دولية وظيفتها تنظيم المعاملات
المالية بين الدول وتقديم الاستشارة والدعم للدول التي تواجه مصاعب مالية واقتصادية
المنظمة العالمية للتجارة: منظمة دولية أحدثت سنة 1995م على أنقاض الاتفاقية العامة المعروفة بالغات (G.A.T.T) تسهر على تحرير التجارة العالمية.
الشركات المتعددة الجنسيات: شركات عملاقة ذات رأسمال ضخم تتوفر على عدة فروع خارج وطنها الأصلي.
المدن العملاقة: المدن الكبرى المتحكمة فى الاقتصاد العالمي، ومنها نيويورك - طوكيو - لندن - باريس. والتي توجد بها أكبر البورصات المالية.